السر الحقيقي والمخفي وراء نظام دوام الـ 8 ساعات في أغلب الوظائف

السر الحقيقي والمخفي وراء نظام دوام الـ 8 ساعات في أغلب الوظائف
تعتمد اغلب انظمة العمل في العالم على مبدأ 8 ساعات دوام اي بمجموع 40 ساعة عمل في الاسبوع واصبح هذا النوع من الدوام في اي وظيفة امر طبيعي جدا ولكن كان للمدون الشهير ديفيد كين رأي آخر وتحليل خاص مقنع يعكس حقيقة الأمر.

اذا كنت موظف تعمل لمدة 8 ساعات خلال ايام الاسبوع، تعرف على وجهة نظر ديفيد كين وسنروي وجهة نظره بلسانه.

"في ظل نظام العمل العالمي المرتكز على 8 ساعات دوام في اليوم، نضطر لاقامة النشاطات والاستمتاع في اوقات المساء وفي عطل نهاية الاسبوع وهذا هو فعلا ما تريده الشركات لتضمن استمراريتها ... كيف؟

اسلوب الحياة هذا في الواقع يجعلنا نميل وبشكل لا ارادي الى زيادة صرفنا بشكل كبير على الترفيه وعلى كافة اساليب الراحة لان اوقات فراغنا باتت قليلة جدا.

انا عدت مؤخرا الى عملي بعد اجازة طويلة جدا دامت 9 أشهر ولاحظت بعد ايام قليلة من عودتي الى الدوام ان هناك الكثير من النشاطات التي اختفت من حياتي مثل المشي وممارسة الرياضة والقراءة والتأمل اضافة الى الكتابة.

والقاسم المشترك الواضح بين كل هذه النشاطات هي ان جميعها مجانية او شبه مجانية اي يمكن القيام بها من دون التكلف كثيرا الا انها تتطلب وقتا لممارستها.

عندما عدت الى عملي، اصبح لدي الكثير من المال والقليل من الوقت وادركت حينها انه ستتحول حياتي الى حياة موظف تقليدي على عكس الحياة التي اعتدت عليها اثناء اجازتي وسفري فأذكر في سفرتي الأخيرة انني كنت امضي يومي وانا اتجول في الحديقة العامة أو وانا اقرأ كتاب على شاطئ البحر لبضعة ساعات. ولكن الآن ولضيق الوقت، لا أظن انني على استعداد لتضييع يوم كامل من عطلتي لممارسة هذه النشاطات.

وفي هذه الآونة، عندما اعود الى بيتي بعد يوم عمل طويل، آخر ما قد أفكر في عمله هو ممارسة الرياضة. وهو آخر ما قد أفكر في فعله بعد العشاء او قبل النوم او عندما استيقظ وكل هذه الأوقات التي ذكرتها هي أوقات الفراغ الوحيدة خلال الأسبوع.

هذه مشكلة حقا وحلها هو ان اعمل لوقت اقل كي يتبقى لي وقت فراغ اكثر. ومن تجربتي، اثبت لنفسي عدة مرات ان بامكاني عيش حياة افضل ومرضية اكثر عندما اعمل لساعات اقل ولكن بالطبع لا يمكنني القيام بذلك في الشركة التي اتواجد فيها او حتى في اي شركة اخرى. في هذا الزمن، اما ان تعمل اربعين ساعة واكثر في الاسبوع او لا تعمل ابدا. كل من حولي اعتادوا على اسلوب الحياة هذا والتزموا به فكيف يمكنني ان أغير تفكيرهم وكيف يمكنني ان امنعم من طلب اي شيء مني بعض وقت معين؟

وما لا يعلمه الكثير منا هو ان فكرة الدوام لثمانية ساعات نشأت خلال الثورة الصناعية في بريطانيا في القرن التاسع عشر كنوع من التخفيف على عمال المصانع الذين كانوا يعملون بين 14 و16 ساعة يوميا.

ولكن مع ظهور التكنولوجيا وتطور اساليب الانتاج، اصبح بامكان جميع العمال القيام بعمل مثمر اكثر بوقت اقل وفي حال تم تقليل ساعات العمل، سيصبح لدينا وقت فراغ اكبر خلال ايام الاسبوع.

ولكن من مصلحة الشركات الكبيرة ان تبقى ساعات الدوام 8 ساعات ليس لأن العمل لثمانية ساعات يؤدي الى عمل مثمر اكثر من قبل الموظفين بل لأن هذا الدوام يقلل من ساعات الفراغ المتوفرة ووقت فراغ اقل يعني ان الناس سيدفعون مالا كثيرا من اجل تحقيق الراحة ومن اجل اسعاد انفسهم. ووقت فراغ اقل يعني انك سينتهي دوامك وانت مرهق ومتعب وما ستقوم به ليلا هو فقط مشاهدة التلفاز وكل الاعلانات التجارية المعروضة. وارهاق الدوام سيمنع الناس ايضا من تطوير طموحهم خارج نطاق الوظيفة.

نحن اليوم مبرمجون وهناك اسلوب حياة واسلوب دوام معين مفروض علينا كي نبقى متعبين وفي بحث دائم عن الرفاهية والراحة وما هو اهم من كل هذا هو ان اسلوب الحياة هذا يقتل فينا الرضا عن ما نملك لنستمر في السعي لاقتناء كل الاشياء الغير موجودة بمتناولنا. نشتري ونتسوق كثيرا لاننا نشعر دائما ان هناك شيء ما ينقصنا.

النظام الاقتصادي في الدول الغربية وتحديدا في الولايات المتحدة بني بطريقة مدروسة على اسس البحث عن الرفاهية والادمان على الاشياء والصرف على الاشياء الغير ضرورية. نصرف المال لامتاع انفسنا ولمكافأة انفسنا وللاحتفال ولحل المشاكل ولتحسين حياتنا وللتخلص من الملل.

السر الحقيقي والمخفي وراء نظام دوام الـ 8 ساعات في أغلب الوظائف

هل تتوقعون ما سيحدث في اميركا في حال توقف الناس عن شراء الشياء الغير ضرورية التي لا تقدم ولا تؤخر في حياتهم؟

الاقتصاد سينهار ولن ينهض من جديد!

كل المشاكل في اميركا مثل السمنة والاكتئاب والتلوث والفساد هي التكلفة المطلوبة للمحافظة على اقتصاد الترليون دولار. ليكون الاقتصاد صحي، يجب ان تكون حياة الناس غير سليمة وغير صحية. الاشخاص السعداء والذين يعيشون حياة صحية هم غير بحاجة لتناول الوجبات السريعة والبحث عن الرفاهية وهم في الواقع لا يتابعون الكثير من الاعلانات التجارية.

بدعة التواجد في الدوام يوميا ولمدة 8 ساعات هي الاسلوب والوسيلة الأقوى لابقاء الناس غير راضين عن حياتهم وعن ما يملكون وبالتالي يكون الحل لأي مشكلة هو شراء شيء.

وسأشير هنا الى قانون باركنسون المعتمد في مسائل تنظيم واستغلال الوقت. كلما كان لديك وقت اكثر لاتمام شيء معين كلما استغرق انجاز هذا الشيء وقت اكبر. اذا كان كل الوقت المتاح لك لانجاز شيء هو 20 دقيقة، لن تصدق ما سيمكنك انجازه في هذا الوقت القصير. ولكن اذا كان وقت الظهيرة كله متاح لك، سيستغرق انجاز العمل وقت اطول.

وهذا ينطبق على المال ايضا فكلما زاد دخلنا، زاد مصروفنا ومن الصعب فعلا التحكم بطريقة صرفنا عند زيادة دخلنا فزيادة الدخل يعني اننا قادرون على الصرف اكثر فما هو الرادع كي لا نفعل ذلك؟

هدفي من كل ما قلته ليس الغاء هذا الاسلوب الذي فرض علينا في حياتنا اليومية بل الهدف هو ايصال السر وراء فكرة الـ8 ساعات من الدوام يوميا الى العالم فعلينا ان نفهم كيف يريدوننا ان نكون. عمل اصحاب الشركات ورؤوس الأموال لسنوات طويلة لنصل الى ما نحن عليه اليوم وبالفعل نجحوا.

لقد برمجوا المستهلك على طريقتهم واصبح المستهلك اليوم غير راضي وعير مكتفي واصبح غير مهتم بتطوير ذاته، يعمل دواما كاملا ويحصل على دخل محدود وفي اوقات فراغه ينفق كل ما جناه لتحقيق الراحة والترفيه عن نفسه وتستمر الحياة..."


السر الحقيقي والمخفي وراء نظام دوام الـ 8 ساعات في أغلب الوظائف

معلومات أخرى متعلقة بالمقال

آخر تعديل:
تاريخ النشر: